عندما تموت الأمومة: مأساة القسوة وضياع الإنسانية
هل سألت نفسك يومًا: هل يمكن لأم أن تقتل طفلها؟ ليس عن طريق الخطأ. وليس من شدة اليأس. بل بقرار بارد، واعٍ، ومتعمد.
إذا كان مجرد السؤال يُحرك مشاعرك، فالإجابة ستطاردك طويلًا.
هذه ليست قصة خيالية. ليست دراما مبالغ فيها.
بل قصة واقعية حدثت في قرية خضراء جميلة، من إحدى دول إفريقيا المليئة بالحياة والتناقضات، حيث يُخفي جمال الطبيعة قسوة البشر أحيانًا.
قصة لم تُحتفَ فيها بالأمومة، بل قُمِعت وسُحقت.
وهم السعادة
وكما تبدأ أغلب المآسي... بدأت بالجمال.
زوجان شابان، مفعمان بالأمل والحب، انطلقا في رحلة الحياة معًا.
الزفاف كان زاهي الألوان. الابتسامات غامرة. الحياة بدت كأنها مشهد من فيلم رومانسي.
لكن حين يُبنى الجمال على الخداع، يتحوّل سريعًا إلى سمّ.
فالمرأة، حسب رواية زوجها، كانت لها غاية واحدة: الثروة.
رأت الزواج ليس كرباط مقدس، بل كدرج يصعد بها إلى الراحة المادية.
وحين لم تتطابق الأحلام مع الواقع، تبعها الإحباط.
رغباتها لا تنتهي. مطالبها لا تتوقف.
وتحوّلت العروس الساحرة تدريجيًا إلى أنقاض.
ومع تزايد التباعد العاطفي والتوتر، استيقظت الحياة داخلها.
لقد حملت.
مفترق الأمومة
وهنا... بدأت الفاجعة.
طفل لم يُولد بعد، لكنه صار عبئًا.
في عينيها، لم يكن الابن رمزًا للحياة أو الامتداد، بل عقبة.
مرساة غير مريحة، تمنعها من حياة جديدة كانت تخطط لها سرًا:
حياة مع رجل آخر، ربما حب قديم... أو وعد بالثراء.
ثم واجهت القرار:
هل تبدأ من جديد كأم؟ أم تبدأ من جديد بدون قيد، بدون دموع، بدون تذكير؟
لقد اختارت الثانية.
يوم ماتت الإنسانية
كانت المدينة هادئة. الأشجار تتمايل مع الرياح. الأذان يتردد بهدوء من مئذنة قريبة.
لكن في عيادة متواضعة، كانت الفاجعة تقع.
وقفت أمام باب غرفة العمليات، صامتة، حاسمة.
الطبيبة تجهز الأدوات، مترددة لكنها متواطئة.
كان الجنين داخلها، في شهره الثالث. لا يستطيع الكلام،
لكنه لو كان يستطيع أن يُسمع روحه، لصرخت:
"ساعدوني! أنقذوني! أنا واثق فيها!"
لكن الثقة وُضعت في غير محلها.
رحمها، الذي يُفترض أن يكون ملاذًا آمنًا، تحول إلى غرفة موت.
غادرت بعدها بساعات، بجسد أخف... لكن بروح أظلم.
لم تكن هناك دموع. فقط... صمت.
الأسئلة القادمة
كيف نُفسّر هذا؟
هل كان جنونًا؟ أنانيةً متوحشة؟
أم مجتمعًا يُربّي أبناءه على أن يروا الأطفال عبئًا لا نعمة؟
نلوم الآباء الذين يتخلّون عن أطفالهم.
نلوم الأنظمة التي تفشل.
لكن، ماذا عندما تكون الأم هي الجلّادة؟
هل رأيت حيوانًا يفترس صغاره من غير جوع ولا خطر؟
ربيت كلابًا لسنين.
رأيت كلبة ترفض الطعام لتحمي أولادها.
حتى في الطبيعة، غريزة الأمومة مقدسة.
فما الذي يجعل امرأة بشرية أبرد من وحش بري؟
ثقافة القيم الزائفة
حدث هذا في مكانٍ يغرق في الفخر الثقافي والطقوس الدينية.
مجتمع يُمجّد العائلة، الاحترام، الشرف.
لكن حين تتكرر القيم دون تطبيق، تصبح مسرحية.
كانت تعرف كيف تُصلي. ترتدي اللباس.
لكن الداخل... كان فارغًا.
نحن نُخلط كثيرًا بين المظهر والحقيقة.
لكن القيم الحقيقية لا تُختبر في السلام، بل عند الألم، عند الإغراء، عند طرق باب المسؤولية.
وفي اختبارها، اختارت أن تفرّ من ذاتها بدل أن تتحمّل المسؤولية.
الأب الغائب
وماذا عن الرجل؟
أصبح عاجزًا. لم يكن مثاليًا. نعم.
قال أشياء ندم عليها. ربما لم يُنصت كفاية.
ربما استسلم مبكرًا.
لكنه لم يتخيل أن يصل الأمر إلى هنا.
أن تختار أن تمحو الطفل بدلًا من أن تربيه.
ورأى الحلم يتحوّل إلى رماد.
لم يخسر زوجته فقط.
بل خسر مستقبلًا: ضحكة، أول خطوة، قصة ما قبل النوم.
والأسوأ... أنهم لاموه.
قالوا له:
"أنت دفعتها لذلك."
وكأن القتل يمكن تبريره.
عالمٌ يمضي قُدمًا...
تسأل الآن: وأين هي؟
تعيش بحرية. تبتسم. تنشر صورًا.
ربما تُحب رجلًا آخر.
ربما تخطط لطفل جديد... بحياة جديدة... بقناع جديد.
ففي عالمٍ تنام فيه العدالة، وتبهت فيه الذاكرة،
هناك من يُفلت بجريمته.
وماذا عن الطفل؟
لا قبر. لا اسم. لا عيد ميلاد.
فقط... صمت.
هل بقيت حدود؟
نعيش في عصر التقدم. عصر الحقوق والحرية.
لكن يجب أن نسأل:
هل هناك حدود للاختيار؟
هل الأمومة حق... أم واجب مقدس؟
هل يمكن لإنسان أن يُنهي حياة ثم يُدعى "أمًا"؟
نُسمّيه "إجهاضًا". نُلطّفه.
لكن... ماذا لو سَمّيناه باسمه؟
"إنهاء واعٍ لروح عاجزة."
ليست كل امرأة تختار هذا الطريق شريرة.
بعضهن خائفات. بعضهن مكسورات.
لكن بعضهن – مثلها – قاسيات ببساطة.
ويجب أن نتعلم كيف نفرّق بينهن.
هذه قصة تطاردنا، ليس لأنها نادرة... بل لأنها حقيقية.
إذا كنت تقرأ هذا الآن، توقف لحظة.
تذكّر الطفل...
ليس كرقم إحصائي.
ولا كقضية سياسية.
بل كقلب كان يمكن أن ينبض.
كضحكة كانت ممكنة.
كحياة... لم تُمنح لها الفرصة.
واسأل نفسك:
كم سقطت الإنسانية حين صار رمز الحب... أداة للدمار؟
دَع هذه القصة لا تُحطم قلبك فقط، بل تُوقظ روحك.
© 2025 جميع الحقوق محفوظة — "السيد زوايد"
الجنسية: مصري 🇪🇬
موقعي الرسمي:
https://shopysquares.blogspot.com/
https://shopysquares.com/blogs/community
https://www.offermasr.com/